Tuesday, February 26, 2013

الطفلة عائشة...أم لخمسة اطفال

فاطمة 10 سنوات، يحيى 9 سنوات، تحيى 7 سنوات، هديه 4 سنوات والطفلة الصغيرة رسالة عامان. والأم طفلة سادسة اسمها عائشة لم يتعدى عمرها 14 عاماً يعيشون في منطقة الزواقر مديرية حيثه - محافظة عمران وهذه هي الحكاية على لسان عائشة نفسها.
                                   عائشة مع أخواتها وأخيها
" اسمي عائشة لا أعلم كم عمري ولكنهم يقولون أني أكبر من أختي فاطمة بأربعة أعوام تقريباً. أعيش مع أخوتي و أنا الأخت الكبرى لخمسة أخوان لقد أصبحت أمهم بعد أن توفيت أمي. توفيت والدتي قبل عامين أثناء ولادتها بأختي الصغيرة رسالة، ماتت وهي تنزف ولم يستطيعوا إنقاذها".
عجزت أسرة عائشة عن إنقاذ الأم من الموت بسبب النزيف الحاد فليس في القرية طبيبة والمركز الصحي لايوجد فيه دكاتره، وكان أمامهم اختيارين إما إسعافها إلى مدينة (خَمِر) وهي أقرب المدن إليهم- تبعد حوالي ساعة بالسيارة- أو انتظار الموت. ولأن الخيار الأول مستبعد نتيجة فقر الأسرة وارتفاع إيجار السيارة التي ستنقلها فقد كان الخيار الثاني هو الوحيد.
وللمأساة فصول أخرى، تقول عائشة:
"ماتت والدتي ولحقت والدي الذي كان قد توفي قبلها،  فقد مرض ولم يستطيعوا أيضاً نقله للمستشفى".
وبوفاة الأم وجدت عائشة ابنة ال14ربيعاً نفسها ليس أماً فقط لخمسة أطفال دون العاشرة بل وأيضا أب في الوقت ذاته.
" بعد ان توفت والدتي كنت اذهب لمن لديهم أغنام أو أبقار لأبحث لأختي حليب كي ترضع وكنت أحياناً أذهب لقرى مجاوره. واليوم أختي رسالة مريضة لا أعلم ماذا بها من الصباح وهي لا تتحرك وعندها حمى قوية"..
ذرفت الدموع وهي تحدثنا عن مخاوفها من أن تموت أختها الصغيرة قبل أن يصل إلى قريتهم الفريق الطبي المرسل من منظمة رعاية الأطفال والذي يزور القرية كل أسبوعين، وبالطبع لا يتوفر للأم الصغيرة المال لإسعافها وشراء دواء.
                                    عائشة تستلم المواد الغذائية من المتجر
كانت الشمس في منتصف السماء عندما وصلنا منزل عائشة، والتي استقبلتها اختيها الصغيرتين تحيا وهديه بلهفه وطول انتظار لما ستحضره من طعام.
" هذه تحيا وهدية وفاطمة ذهبت لتساعد بنت عمي، ويحيى الان سيعود من المدرسة. الان سأبدأ تجهيز الغداء لأني لم استطع العوده إلا بعد أن استلمت القسيمه ثم ذهبت لدكان اللذي تم الاتفاق معه  واعطيتهم القسيمة واخذت بها مصروف للبيت."
كنا قد ذهبنا مع عائشة عندما ذهبت لاستلام قسيمة الشراء التي تعطى لهم شهرياً ولمدة ستة اشهر بمبلغ 10800 ريال، ثم اصطحبناها للمتجر( نقاط البيع) الذي تم التعاقد معه لتشتري بالمبلغ مواد غذائية.
" اشتريت دقيق، صليط(زيت طبخ)، سمن، مريسي(سكر)، شاهي، رز، فول، فاصوليا وصلصة. كان نفسي اشتري بسكوت لاخوتي لكن المبلغ لم يكفي إلا للضروريات."
عائشة ذات الأربعة عشر ربيع في الوقت اللذي تستمتع منهن في سنها باللعب والتمتع بأصناف الطعام والحلوى، والذهاب للمدرسة اصبحت بين ليله وضحاها ربة بيت ومسئولة عن أخوتها، تسعى جاهده لتوفير لقمة العيش بمختلف الطرق ليس معها إلا الله وعملها وبعض المساعدات من فترة لاخرى.
" عمي يحاول يساعدنا لكن هو بنفسه حالته الماديه صعبه ومعظم اهل المنطقة حالتهم صعبه، اغلبهم يشتغلوا عند الناس أو يذهبوا للحرب بحث على بعض المال في المقابل  وأغلبهم يموتوا. انا بدأت احاول ابحث عن عمل عند الناس بمقابل بعض الطحين أو اللبن. واحيان اذهب للجبال لجمع الحطب وبيعها، اجمعها في اربعة او خمسة ايام وابيعها ب 2000 او 3000 ريال المبلغ قليل لايكفي احتياجاتنا لكن احسن من لاشيئ."
  هذه المره الثانه لاستلام القسائم الخاصة بمشروع الامن الغذائي في المنطقة، والذي جاء كالمنقذ لمعظم الاسر ومنظمنهم اسرة عائشة التي قد تمر عليهم ايام لا يتناولون إلا وجبه واحده من قطع الخبز وبعض اللبن إن توفر.
"من قبل كان أكلنا القرم( الخبز) وبعض اللبن وإن لم يوجد اللبن ناكل الخبز مع الماء، واحيان كثيره نأكله بدون شي. وإن لم يوجد الخبز نجمع بعض اوراق الحلص( نوع من انواع الاشجار) وأغليه مع الماء ثم نأكله.وفي أحيان ننام بدون عشاء او نأكل وجبه واحده فقط في اليوم."
وبينما كنا نتكلم وصل يحيى من المدرسة يحمل على ظهره حقيبة المدرسة وهي عبارة عن كيس من أكياس الأرز استخدمه كحقيبه مدرسيه وانتقلنا بالحديث إلى يحيى
" اسمي يحيى عمري 9 سنوات، ادرس في الصف الثالث، أحب اتعلم ونفسي يكون عندي شنطة مدرسة ودفاتر وأقلام. بساعد أختي عائشة في البيت أحضر الماء من الساقيه، واحيان اجمع معها الحطب. اليوم انا فرحان لأن اختي عائشة استلمت المصاريف وبتطبخ لنا رز وفول للغداء. واليوم بنتعشا لان امس ماكن عندنا شي ،شربنا ماء ونمنا بدون عشاء، نفسي بطاط احب اكله مع الخبز."
لا يمكن وصف سعادة عائشة لحصولها على هذا الدعم الذي ساعدها كثير ووفر لها  اشياء لم تكن تستطع توفيرها. وكان كل ماتتمناه ان تحصل على دعم تستطيع منه كسب المال الذي لا يجعلها تحتاج طلب المساعده من أحد .
ودعتنا عائشة بوجه مبتسم وبدأت بالاستعداد لتجهيز الغداء لأخوانها الصغار. هذه هي حكاية عائشهه الطفلة الأم شاهدناها وسمعناها وعشناها. قد نكون ودعناها ورحلنا من تلك المنطقة التي قد نعود إليها وقد لانعود، ولكن عائشة أصبحت جزء من ذاكرتنا التي ستبقى وستظل إلهام لنا ودعوة للجميع للسعي دون كلل أو ملل لتقديم يد العون لمن يعانون من أهلنا في بلدنا الحبيب اليمن.


No comments:

Post a Comment